26 أبريل 2011

من الأرشيف: أولى محاكمات خالد سعيد (2)



حضرت الجلسة الأولى - خلف الكاميرا

 3 أغسطس 2010

"من اول ما تعيش وياها .. تلقاها معاك ملهاش بديل أصلها بتفرق..." سحب الموبايل من فوق الكمودينو اللي جنب السرير وقفل المنبه- وبص على الساعة – مش عايز (ياسر) يغير الأغنية اللي اعتبرها طبطبة عليه أو تأنيب ليه من ساعة ما (ياسمين) فسخت الخطوبة معاه، بص على سرير (أيمن) أخوه لقاه فاضي. قعد يبص على السقف وهو لسة مافتحش عينه أوي وخد نفس طويل وطلعه "بفففففففف" "يوم متعب النهاردة، عند المحكمة وتجمعات وشمس إففف اتخنقت بقة!!، يارب استر"
"الله أكبر... الله أكبر..." آذان الفجر بيأدن، قفل ياسر عينه وخد نفس طويل تاني كأنه عايز يشوف الآذان في خياله ويشم رحته ويملاه من جواه؛ خلص الآذان لقى أيمن داخل على كتفه الفوطة متوضي، "صباح الخير ياياسر بيه"، ابتسم ياسر نص ابتسامة "صباح الفل يادكتور". "يلا قوم . أديك هاتصلي الفجر النهاردة مش هاتصلي الصبح". "فجر وصبح ربنا يتقبل مننا يا أيمن .... آآآآآآه ربنا عالم باللي فيا، أنا تعبان ومجهد".
"طيب قوم يلا عشان تلحق تستلم الشغل"
"إنت رايح برضه ياأيمن المحكمة"
"آه طبعا ما إنت عارف وفرح هاطلع أخبط عليها ونروح سوا، ماتقلقش كالعادة مانعرفش بعض"
"طيب ياأيمن هأقوم اتوضا نصلي الفجر جماعة"
الساعة 8 بالضبط كان أيمن وصل المنشية معاه خطيبته فرح اللي انضمت قريب لحزب واتحولت لمناضلة، وما بقتش تروح النادي كتير زي الأول واقتصر تواجدها على مقابلات خفيفة مع الأصدقاء وتجميع فلوس عشان الناس الغلابة وتساعد بنات تتجوز، وده اللي كانت بتعمله من زمان وده من الحاجات اللي خلت أيمن يتشد ليها أوي.
راحوا الاتنين مباشرة ناحية التجمع قدام باب المحكمة لما قربوا لقوا تجمعين على اليمين شباب زيهم وشايلين صور خالد وعلى الشمال مجموعة ناس شكلها غريب وماسكين يفط . الموضوع محسوم شدت فرح أيمن ناحية اليمين وانضموا للمتضامنين مع القضية. وبدأوا يهتفوا مع الشباب "خالد خالد وين ماتروح دمك والله ما بيروح" "ياقاضينا يا قاضينا هات حق خالد لينا" "ياضباطتنا ياضباطتنا إحنا أخواتكم وإنتوا إخواتنا". قرب ياسر من ورا الكوردون الأمني اللي محوط الناس الغريبة- وبص مين اللي بيهتف بيقول إنتوا إخواتنا – بس ده مش أيمن! انتبه بسرعة إنه مفروض مش متعاطف ونزل كام سلمة ووقف سند على عربية بعيد جنب زميله.
وبعدين المكان بدأ يتزاحم والأمن اتنقل لعمل كوردون حولين الشباب اللي على اليمين لأن العدد بدأ يزيد والهتافات صوتها يعلى، اتدور أيمن وقال لفرح خدي بالك. المجموعات اللي واقفه انقسموا تلقائيا الشباب أقرب للأمن والبنات معظمها واقفة ورا وكتير ماسك لافتات صور خالد وصور مامت خالد مع اخته وأجزاء من الدستور والأعلام السوداء لستة أبريل والصورة اللي خضت أيمن شاف لأول وهلة وش أخوه ياسر مكان الأمين حوليه حبل الإعدام، أما ياسر لما بص عليها حس بقرف وقال في نفسه "يلا خلينا نخلص وتنضف".

الهتافات عمالة تزيد وأيمن بيردد وكل ما تيجي "يسقط يسقط حسني مبارك" يبطل هو ومجموعة شباب ولما رددوا " باطل باطل" لما الهاتف قال "حسني مبارك" يقول لهم بلاش ترددوا باطل وإنتوا مش سامعين اللي قبلها". قال في نفسه "هو إحنا جايين نهتف مع اللي معاه الميكروفون وخلاص؟ " فجأة لقاهم بيرجعوا لورا .... أهل خالد معديين من وسطهم متضامن قاعد على كتف واحد وسكت زميله وهتف "ماتبكيش يا أم الشهيد... ماتبكيش ياأم الشهيد .. كلنا خالد سعيد ... كلنا خالد سعيد" "خالد حي ..خالد حي...خالد حي" هتف أيمن بأعلى صوته ولقى صوت الهاتف بيتحبس مش عارف بيبكي ولا تعب من الهتاف، وهو صوته اتحبس بس الدموع اللي رغرغت عينيه ونزلت تجري على خدوده أكدت له إن هو اللي بيبكي.
كان كل شوية أيمن يتدور وراه يبص على فرح يطمن عليها وهو بيدور شاف "إيه ده البنات دول بيسقفوا ويحركوا كتفهم وجسمهم كله لا شعوريا وهم بيقولوا ("قالوا عاملين علينا أسود وبتضربوا ع الحدود" )" دول عاملين زي لما يجيبوا واحدة في التليفزيون في حارة بتكيل لحد،
وبعدين بدأ يدور من حوليه يستغرب الناس ويحس بخلاف مجموعة صغيرة من المنسقين والبنات الملتزمة اللي واقفين زي الراجل في ثباته وقوته إنه مش عارف حد ومش شايف حد ومش عايز يشوف حد،
"أنا مخنوق أنا عمري ماحسيت الإحساس ده قبل كدة، هو أنا مش في مصر ولا أنا في انجلترا لسة مارجعتش أنا مش حاسس بالناس ديه ليه؟ هم بيشتموا ليه؟ البنات دي واقفة تغيظ العساكر ليه؟ مين ديه اللي بتـقول دلوقتي الجو يسخن وهتولع؟ دي معانا ولا مدسوسة ؟ هو ضحكهم ده حماسة ولا شماتة؟"
فاق بسرعة على واحد بيقع عليه، جاله إغماء ريح راسه على الأرض ولقى واحد بيقول أنا دكتور وبيقوم بالإسعافات الأولية بالشكل الصحيح. أيمن حس إنه مخنوق وإنه هيقع على الأرض يمدد جنب اللي مغمى عليه. دور على فرح قال لها أنا تعبان أنا هاقف برة خرجت فرح معاه. سأل أيمن "الجلسة اترفعت ولا لسة؟ " "محدش عارف حاجة إدينا مستنيين الإشارة".
الناس اللي حوليه مجموعات عمالة تزيد وتزيد من الشارع تقف وبعدين لقى فرح حاطة علم مصر على كتفها وطلعت أتوبيس نقل عام وقف بسبب الزحمة هو فاهم إنها رايحة تدعو الناس ينضموا ليهم بس سرح مع نفسه للحظة في كلام والدته اللي بدأت تعلق على فرح وسلوكها مع انضمامها للحزب إياها وقال لنفسه مش عايزها تبعد أوي كدة.. كتير اللي بتعمله .. أنا عايزها البنت الطيبة النشيطة اللي حبيتها مش واحدة بدات اتحير من تصرفاتها مش عارف ده اسمه ايمان بالقضية ولا حركات صبيانية – فاق من سرحانه على وش أخوه ياسر اللي بينهم كوردون عساكر وكوردونات من المارة والمتفرجين وهو أحمر من الغضب بيبص له بغل جامد إنتبه لصوت الهتاف سمعهم بيقولوا "... إيه أخرتها مع الضباط دولا بياخدوا بالألوفات ..." رجع ركز عينه على عيون أخوه الغضبانة كأن المكان اللي حاضر فيه أكتر من ألف واحد فضى إلا من أيمن وياسر وصوت الهتاف جاي من بعيد وأيمن يحايل ياسر بنظراته بيطبب عليه ويحضنه بعينه ويقول له حقك عليا ياأخويا كعادة أيمن اللي دايما حاسس إنه أخو ياسر الكبير وأبوه مع إنه أكبر منه بخمس دقايق بس. حط قائد الأمن المركزي إيده على كتف ياسر عشان يروح الناحية التانية من الكوردون
أيمن أخد فرح وقالها "يلا بينا نمشي عشان إنتي عارفة أنا لازم أروح المستشفى في الميعاد مفيش حد بدالي"، فرح مصرة تقف، أصر بحزم "فرح هنروح دلوقتي إنتي عملتي اللي عليكي وزيادة وإنتي عارفة إني مش هاسيبك لوحدك وأمشي".
وهم بيبعدوا عن الكوردون سمعوا دوشة جامدة مدير الأمن نازل على السلالم وإدى إشارة والأمن بيحاول يضغط المتضامنين على الرصيف ويزقوهم وياسر وزميله مش فاهم أيمن بيعلموا إيه زي ما يكونوا بيخلصوا ما بين العساكر والمتضامنين وانفصلوا فعلا عن بعض بعدين شاب من المتضامنين طبطب على واحد من العساكر قميصه فك كأنه بيقول له أنا آسف، "ياااه خسارة ياسر ماشفش المنظر ده .... ده مديله ضهره كان نفسي يكون باصص."

على العشا، رجع أيمن وياسر البيت، أيمن أخد دش سريع في الحمام الصغير عشان يقعد يتابع توالي أحداث التضامن والقضية على الانترنت وياسر دخل الحمام الكبير مدد في البانيو والمية السخنة تنزل تملى البانيو وسرح مع نفسه "هي نازلة تغسل سواد اليوم ولا تعبه ولا ذنوبي ولا لو نزلت براسي لتحت المية شوية أقطع النفس وأخلص. يارب يارب تعبااااااان"

خرج ياسر من الحمام ودخل الأوضة يصلي الصلوات اللي مصلهاش من أول اليوم وكان أيمن قاعد على الكمبيوتر بتاعه بيتابع الأخبار. ماحاولش ياسر يكلمه - ضهره لأخوه- وكبر بسرعة عشان يدخل الصلاة وبعد الصلاة فضل قاعد على الأرض سند على جنب سرير بيبص في الأرض. فهم أيمن إنه عايز يتكلم بس كالعادة مستني أيمن يبدأ، أيمن قعد يفكر مش لاقي حاجة يقول ها راح قال له "نعيما" رد ياسر "الله ينعم عليك" وهو بيبص في الأرض لسة .نزل أيمن يقعد على الأرض جنبه "ياعم وسع لي شوية ماتزنقش كدة، وخبطه بكتفه" ضحك ياسر أخيرا. "ياااه عليك ياأيمن يابختك" "شفت اللي أنا فيه ياأيمن"
"ياسيدي اصبر واحتسب الخير جاي"
"فين ياأيمن؟ الموضوع ده زي الكابوس .. ياسمين سابتني من ساعتها كأني أنا اللي قتلته وهو كل اللي حصل إنها سألتني إنت بتضرب حد في القسم، وأما رديت عليها إني ساعات باضطر اضرب واحد سكران أو حشاش خفيف عشان أفوقه... وساعات ما بملكش نفسي من الغضب زي المرة اللي قبضنا على الراجل اللي كان بيعتدي على أولاد المصيفين في المعمورة وهريته ضرب" وصدمتني لما قالت "أنا مش عايزة ابقة مرات واحد مجرم"
رد أيمن "ياسيدي أنا بقة خاطب واحدة مجنونة مش عارف هتوديني على فين بجننها اللي بحبه".
كمل ياسر بنفس النبرة "ده حتى من أيام الثانوية العامة لما إنت جبت مجموع طب وأنا جبت 80 % وحبيت أدخل شرطة فاكر خالو قال إيه؟ قال لايق عليكو واحد يمين وواحد شمال إنتو كدة دايما حتى في إسمكم"
ضحك أيمن نص ضحكة وحط دراعه حولين كتف أخوه وقال له "ياسر من اليسر مش من اليسار... إنت اليسر وربنا هييسرها معاه واصبر وإوعي تنهزم يابطل لازم تجمد لما اللي زيك يمشى من الشرطة هايفضل مين ليها .. إنت بنفسك قلت إن في مجرمين بيدعوا لما يتقبض عليهم إن إنت اللي تكون في الوردية "
ضحك ياسر أوي وبعدين كركر من الضحك بصوت عالي "بس عجبتني أوي" ،
أيمن "مين ديه؟ "،
ياسر : "عيشوا بشرف جتكوا القرف هاااااهاااااااااها"
قعدوا يعيدوها مع بعض "عيشوا بشرف جتكوا القرف" وبعدين ياسر قال "ولا الهتاف بتاع العساكر اللي بياكلوا عدس ويلبسوا خيش... يجوا يشوفوا ماما عاملة إيه مع "صبري" المراسلة ... ده كل مايجي ماما تديله أد مرتبه أضعاف وترجعه البلد بنص التلاجة.... هيعصوه عليا إزاي؟ ... إنه يطالب بجزء من الميراث؟" هاااااااااااهااااااااااااهاااااااااا.
بعد ما صوت ضحكهم بدأ يعلى في البيت اتشجعت والدة أيمن وياسر تيجي تقف على باب الأوضة وهي بتضحك من الودن للودن يلا بقة إنتوا مش بتبطلوا كلام أبدا ..." البيتزا اللي عملتها هتبرد .... أيمن فرح اتصلت بيك تسأل عليك، هي كلمتك؟ ... خليها تيجي هي وناجي أخوها يتعشوا معانا."
""حاضر ياماما... ولا ناجي أخوها ده شفت ياياسر خطيبته الجديدة واحدة واحدة خليته إخوان" ...
" ياراجل؟ "
"آه ياسيدي... الستات دول مفتريين ممشينا وراهم مش عارف على فين"
"الإخوان مش أزمة أوي وناجي عاقل أحسن من اللي ماشيين مكشرين في وش الناس ومكفرينهم ربنا يفرحه ويتمم له على خير وإنت كمان ياأيمن"
"وإنت كمان ياعم ياسر أفرح فيك"
"لا ياعم مش عايز ستات مفترية ... أنا عايزها زي ياسمين ... أنا عايز ياسمين".
"طيب ياروميو قوم الجرس بيرن" .. دخلت فرح الشقية في أوضة القعاد على حماها العقيد المتقاعد "قدري رمضان" وتغني مع صوت المسرحية في التليفزيون "رمضان جانا ..أهلا رمضان" وجرى جنبها أيمن وياسر ووقف ناجي أخوها من الناحية التانية يغنوا، وأم التوأم تضحك من قلبها "ياحبايب قلبي- ده خلاص رمضان جاي ربنا يفرحني بيكم كلكم- كل سنة وإنتوا طيبين

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق